فصل: (الْبَابُ الْخَامِسَ عَشْرَ فِي الْقَسَامَةِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَمَالِيكِ):

وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ عَبْدًا خَطَأً، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ، أَوْ أَكْثَرَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَفِي الْأَمَةِ إذَا زَادَتْ قِيمَتُهَا عَلَى الدِّيَةِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَفِي الْهِدَايَةِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ غَصَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ عِشْرُونَ أَلْفًا، فَهَلَكَ فِي يَدِهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ خَطَأً لَمْ يَغْرَمْ إلَّا قِيمَةً وَاحِدَةً لِلْمَالِكِ ثُمَّ يَدْفَعُهَا الْمَوْلَى إلَى الْغُرَمَاءِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ رَجُلٌ حَمَلَ عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَخْتُومًا، وَرَجُلٌ آخَرُ حَمَلَ عَلَيْهِ مَخْتُومَيْنِ، وَكُلُّ ذَلِكَ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، فَعَلَى صَاحِبِ الْمَخْتُومِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَعَلَى صَاحِبِ الْمَخْتُومَيْنِ ثُلُثَا قِيمَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ فِيمَا جُنِيَ عَلَى الْمَمَالِيكِ خَطَأً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِي حُرًّا، فَإِذَا بَلَغَ النَّفْسَ عَقَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَأَمَّا الْجِنَايَةُ عَلَى أَطْرَافِ الْعَبْدِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْحُرِّ فِيهِ الدِّيَةُ تَجِبُ فِي الْعَبْدِ الْقِيمَةُ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ الْحُرِّ فِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ، فَفِيهِ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفُ الْقِيمَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ آلَافٍ أَوْ أَكْثَرَ يَنْقُصُ عَشَرَةً أَوْ خَمْسَةً، وَعِنْدَهُمَا يُقَوَّمُ صَحِيحًا، وَيُقَوَّمُ مَنْقُوصًا بِالْجِنَايَةِ، فَيَجِبُ فَضْلُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
هَذَا إذَا فَاتَ بِفَوَاتِهِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ، وَذَلِكَ كَالْعَيْنِ وَالْيَدِ، فَأَمَّا مَا يُقْصَدُ بِهِ الزِّينَةُ نَحْوُ الْأُذُنِ وَالْحَاجِبَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ لَا يُقَدَّرُ ذَلِكَ، وَيَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي يَدِ الْعَبْدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لَا يُزَادُ عَلَى خَمْسَةِ آلَافٍ إلَّا خَمْسَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَهَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ يَجِبُ نِصْفُ قِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَهَكَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْكَافِي.
وَكُلُّ جِنَايَةٍ لَيْسَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فِي حَقِّ الْحُرِّ، فَفِي الْعَبْدِ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
قَالَ هِشَامٌ: سَأَلْتُ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ أَشْفَارِ عَيْنَيْ الْمَمْلُوكِ إذَا شَقَّهَا إنْسَانٌ فَأَخْبَرَنِي عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قَالَ فِي أَشْفَارِ عَيْنَيْ الْمَمْلُوكِ، وَفِي حَاجِبَيْهِ، وَفِي أُذُنَيْهِ مَا نَقَصَهُ، وَهُوَ قَوْلِي، وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- قَالَ: وَلَا أَحْفَظُ فِي اللِّحْيَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَلَكِنْ أَحْفَظُ عَنْهُ فِي شَعَرِ الرَّأْسِ أَنَّ مَوْلَاهُ إنْ شَاءَ دَفَعَهُ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَدْفَعْهُ، وَأَخَذَ مِنْ الْجَانِي مَا نَقَصَهُ، وَفِي الْأَصْلِ أَنَّ فِي شَعَرِ الْعَبْدِ وَلِحْيَتِهِ حُكُومَةَ عَدْلٍ، وَكَأَنَّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الْآخَرُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي أُذُنِ الْعَبْدِ، وَأَنْفِهِ، وَلِحْيَتِهِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ، وَفِي الْمُخْتَلَفَاتِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ، وَهَكَذَا ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْمُجَرَّدِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ حَلَقَ جَعْدٌ عَبْدَ إنْسَانٍ، وَنَبَتَ مَكَانَهُ أَبْيَضُ يَلْزَمُهُ النُّقْصَانُ، وَلَيْسَ طَرِيقُ مَعْرِفَةِ النُّقْصَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَبِهِ جَعْدٌ، وَإِلَى قِيمَتِهِ، وَلَا جَعْدَ بِهِ، وَإِنَّمَا طَرِيقُهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى قِيمَتِهِ، وَأُصُولُ شَعَرِهِ نَابِتَةٌ سُودٌ، وَإِلَى قِيمَتِهِ، وَأُصُولُ شَعَرِهِ نَابِتَةٌ بِيضٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ فَإِنْ شَاءَ الْمَوْلَى دَفَعَ عَبْدَهُ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ النُّقْصَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَ الْعَبْدَ، وَأَخَذَ مَا نَقَصَهُ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْعَبْدَ، وَأَخَذَ قِيمَتَهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: فَقَأَ عَيْنَ عَبْدٍ، فَمَاتَ الْعَبْدُ مِنْ غَيْرِ الْفَقْءِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْفَاقِئِ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ، وَلَكِنَّهُ قَتَلَهُ إنْسَانٌ لَزِمَ الْفَاقِئَ النُّقْصَانُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: ضَمِنَ النُّقْصَانَ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا فَقَأَ رَجُلٌ عَيْنَيْ عَبْدٍ ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ، فَعَلَى الْفَاقِئِ مَا نَقَصَهُ، وَعَلَى الْقَاطِعِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَفْقُوءَ الْعَيْنَيْنِ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ هَذَا اسْتِحْسَانٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي، فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلَانِ قَطَعَا يَدَيْ عَبْدٍ مَعًا أَحَدُهُمَا الْيُمْنَى، وَالْآخَرُ الْيُسْرَى، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَهُوَ عَلَى شَرَفِ الْقَطْعِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حُجَّةٌ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى أَنَّ مَنْ رَمَى إلَى عَبْدٍ سَهْمًا، فَقَتَلَهُ آخَرُ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ السَّهْمُ فَعَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْعَبْدِ مَرْمِيًّا لَمْ تَقَعْ بِهِ الرَّمْيَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَبْدٌ مَقْطُوعُ الْيَدِ قَطَعَ إنْسَانٌ رِجْلَهُ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ يَضْمَنُ نُقْصَانَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْطُوعِ يَدُهُ، وَإِنْ قَطَعَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْطُوعِ يَدُهُ، وَعَلَى هَذَا: الْبَائِعُ لَوْ قَطَعَ يَدَ الْعَبْدِ يَسْقُطُ نِصْفُ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَقْطُوعَ الْيَدِ، فَقَطْعُ الثَّانِيَةِ يُعْتَبَرُ النُّقْصَانُ، وَيَسْقُطُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ انْتَقَصَ ثُلُثُ الْقِيمَةِ يَسْقُطُ ثُلُثُ الثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَكَانَ الْقَطْعِ فَقْءُ الْعَيْنِ كَذَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَقْطُوعَ الْيَدِ، فَقَطَعَ إنْسَانٌ يَدَهُ الْأُخْرَى كَانَ عَلَى قَاطِعِ الْيَدِ الثَّانِيَةِ نُقْصَانُ قِيمَتِهِ مَقْطُوعَ الْيَدِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَجُلٌ قَطَعَ الْيَدَ الْيُمْنَى مِنْ عَبْدِ رَجُلٍ، وَقَطَعَ رَجُلٌ آخَرُ الْيَدَ الْيُسْرَى مِنْهُ، وَمَاتَ مِنْهُمَا، فَعَلَى الْقَاطِعِ الْأَوَّلِ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَعَلَى الثَّانِي مَا نَقَصَهُ، وَمَا بَقِيَ، فَهُوَ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَلْفٌ ثُمَّ بَعْدَ الْقَطْعِ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقَطْعِ ثُمَّ قَطَعَ رَجُلٌ آخَرُ رِجْلَهُ مِنْ خِلَافٍ ثُمَّ مَاتَ مِنْهُمَا ضَمِنَ الْأَوَّلُ سِتَّمِائَةٍ، وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَالْآخَرُ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَلَوْ صَارَ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ، وَهُوَ أَقْطَعُ، فَعَلَى قَاطِعِ الرِّجْلِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَعَلَى قَاطِعِ الْيَدِ سِتُّمِائَةٍ وَخَمْسَةٌ، وَعِشْرُونَ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي نَوَادِرِ ابْنِ رَشِيدٍ: عَبْدٌ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ ثُمَّ مَكَثَ سَنَةً ثُمَّ اخْتَلَفَ الْقَاطِعُ، وَالْمَوْلَى فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَطْعِ، فَقَالَ الْقَاطِعُ: كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَطْعِ أَلْفًا وَعَلَيَّ خَمْسُمِائَةٍ، وَقَالَ مَوْلَى الْعَبْدِ: كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ اخْتَصَمَا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَوْ كَانَ صَحِيحَ الْيَدِ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَاطِعِ، فَإِنْ غَرِمَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَغْرَمْ حَتَّى انْتَقَضَتْ الْيَدُ وَمَاتَ، فَعَلَى عَاقِلَةِ قَاطِعِ الْيَدِ وَالنَّفْسِ، فَتَكُونُ الْيَدُ عَلَى مَا قَالَ الْقَاطِعُ، وَعَاقِلَتُهُ، وَأَمَّا النَّفْسُ، فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَيْهَا، فَيَغْرَمُ الْقَاتِلُ قِيمَةَ النَّفْسِ يَوْمَ تَلِفَتْ، وَيَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَلْفٌ، وَخَمْسُمِائَةٍ، خَمْسُمِائَةٍ مِنْهَا أَرْشُ الْيَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي مُوضِحَةِ الْعَبْدِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْشِ مُوضِحَةِ الْحُرِّ، فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ، وَيُنْقَصُ مِنْهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَجُلٌ قَطَعَ يَدَ عَبْدِ رَجُلٍ أَوْ شَجَّ عَبْدَ رَجُلٍ ثُمَّ إنَّ الْمَوْلَى بَاعَهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ، وَهَبَهُ الْمَوْلَى مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ مَوْلَى الْعَبْدِ يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ.
وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَوْ أَنَّ أَمَةً قَطَعَتْ يَدَهَا خَطَأً، وَبَاعَهَا الْمَوْلَى مِنْ إنْسَانٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ ثُمَّ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بِالْخِيَارِ، وَرُدَّتْ عَلَى الْمَوْلَى، فَمَاتَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْقَطْعِ فَعَلَى الْقَاطِعِ قِيمَتُهَا تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَمْدًا دَرَأَتْ الْقِصَاصَ اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ شُجَّا، فَبَيَّنَ الْعِتْقَ فِي أَحَدِهِمَا بَعْدَ الشَّجِّ، فَأَرْشُهُمَا لِلْمَوْلَى، وَبَقِيَا مَمْلُوكِينَ فِي حَقِّ الشَّجَّةِ، وَلَوْ قَتَلَهُمَا رَجُلٌ وَاحِدٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ مَعًا تَجِبُ دِيَةُ حُرٍّ، وَقِيمَةُ عَبْدٍ، فَيَكُونُ الْكُلُّ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْوَرَثَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَدِيَةُ حُرٍّ، فَيُقْسَمُ مِثْلُ الْأَوَّلِ، وَإِذَا قَتَلَهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْأَوَّلِ لِمَوْلَاهُ، وَالدِّيَةُ لِلثَّانِي لِوَرَثَتِهِ، وَإِذَا قَتَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَجُلٌ مَعًا تَجِبُ قِيمَةُ الْمَمْلُوكَيْنِ، فَتَكُونُ نِصْفَيْنِ بَيْنَ الْمَوْلَى، وَالْوَرَثَةِ، فَيَأْخُذُ هُوَ نِصْفَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَيَتْرُكُ النِّصْفَ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ قَتَلَاهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ، فَعَلَى الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ قِيمَتُهُ لِلْمَوْلَى، وَعَلَى الْقَاتِلِ الثَّانِي دِيَةٌ لِوَرَثَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي أَيَّهُمَا قَتَلَ أَوَّلًا، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَتُهُ، وَلِلْمَوْلَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْقِيمَةِ هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ.
رَجُلٌ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدٍ، وَقَطَعَ الْآخَرُ رِجْلَهُ أَوْ يَدَهُ فَبَرَأَ، وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْهُمَا مَعًا، فَعَلَيْهِمَا قِيمَتُهُ أَثْلَاثًا، وَيَأْخُذَانِ الْعَبْدَ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ كُلُّ جِرَاحَةٍ كَانَتْ مِنْ اثْنَيْنِ مَعًا جِرَاحَةُ هَذَا فِي عُضْوٍ، وَجِرَاحَةُ هَذَا فِي عُضْوٍ آخَرَ يَسْتَغْرِقُ ذَلِكَ الْقِيمَةَ كُلَّهَا، فَإِنَّهُ يَدْفَعُهُ إلَيْهِمَا، وَيَغْرَمَانِ قِيمَتَهُ عَلَى قَدْرِ أَرْشِ جِرَاحَتِهِمَا، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ مِنْهُمَا، وَالْجِرَاحَةُ خَطَأٌ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْشُ جِرَاحَتِهِ عَلَى حِدَةٍ مِنْ قِيمَةِ عَبْدٍ صَحِيحٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ النَّفْسِ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ إحْدَى الْجِرَاحَتَيْنِ قَبْلَ الْأُخْرَى، وَقَدْ مَاتَ مِنْهُمَا، فَعَلَى الْجَارِحِ الْأَوَّلِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا، وَعَلَى الْجَارِحِ الثَّانِي أَرْشُ جِرَاحَتِهِ مِنْ قِيمَتِهِ مَجْرُوحًا بِالْجِرَاحَةِ الْأُولَى، وَمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ، فَعَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ بَرَأَ مِنْهُمَا، وَالْجِرَاحَةُ الْأَخِيرَةُ تَسْتَغْرِقُ الْقِيمَةَ، وَالْأُولَى لَا تَسْتَغْرِقُهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ، وَعَلَى الثَّانِي قِيمَتُهُ مَجْرُوحًا بِالْجُرْحِ الْأَوَّلِ، وَيَدْفَعُهُ إلَيْهِ يَعْنِي الْعَبْدَ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ الْأُولَى هِيَ الَّتِي تَسْتَغْرِقُ الْقِيمَةَ، فَعَلَى الْجَارِحِ الثَّانِي أَرْشُ جِرَاحَتِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ أَرْشُ جِرَاحَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
جِنَايَةُ الْحُرِّ عَلَى الْمُدَبِّرِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْقِنِّ حَتَّى لَوْ قَتَلَهُ حُرٌّ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قِيمَتُهُ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ غَرِمَ نِصْفَ قِيمَتِهِ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي خَصْلَةٍ، وَهِيَ أَنَّ الْحُرَّ إذَا قَطَعَ يَدَيْ مُدَبِّرٍ، أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ، فَقَأَ عَيْنَهُ غَرِمَ مَا نَقَصَهُ، وَفِي الْقِنِّ يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ الْمُدَبِّرِ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَبَرَأَ، وَزَادَ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَيْنِ ثُمَّ، فَقَأَ عَيْنَهُ آخَرُ ثُمَّ انْتَقَضَ الْبُرْءُ، فَمَاتَ مِنْهُمَا، وَالْمُدَبَّرُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَعَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ الْيَدِ، وَمَا حَدَثَ مِنْهَا، وَعَفَا الْآخَرُ عَنْ الْعَيْنِ، وَمَا حَدَثَ مِنْهَا، فَلِلَّذِي عَفَا عَنْ الْيَدِ عَلَى صَاحِبِ الْعَيْنِ سَبْعُمِائَةٍ، وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً، وَفِي مَالِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَلِلَّذِي عَفَا عَنْ الْعَيْنِ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ ثَلَاثُمِائَةٍ، وَاثْنَا عَشْرَ، وَنِصْفٌ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ عَمْدًا، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ خَطَأً كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ شَجَّ عَبْدَ غَيْرِهِ مُوضِحَةً، فَدَبَّرَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ شَجَّهُ الشَّاجُّ مُوضِحَةً أُخْرَى ثُمَّ كَاتَبَهُ، فَشَجَّهُ أُخْرَى ثُمَّ أَدَّى الْمُكَاتَبُ، فَعَتَقَ، فَشَجَّهُ أُخْرَى، فَمَاتَ بِالْكُلِّ ضُمِّنَ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ صَحِيحًا بِالشَّجَّةِ الْأُولَى، وَيُغَرَّمُ نُقْصَانَهَا أَيْضًا إلَى أَنْ جَنَى الثَّانِيَةَ، وَيُغَرَّمُ بِالشَّجَّةِ الثَّانِيَةِ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا مَشْجُوجًا، وَنُقْصَانَهَا إلَى أَنْ كُوتِبَ، وَيُغَرَّمُ بِالثَّالِثَةِ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا مُكَاتَبًا مَشْجُوجًا بِشَجَّتَيْنِ، وَنُقْصَانَهُمَا إلَى أَنْ عَتَقَ، وَثُلُثَ قِيمَتِهِ مُذْ مَاتَ، وَبِالرَّابِعَةِ ثُلُثَ الدِّيَةِ، وَلَا يُغَرَّمُ بِالشَّجَّةِ الَّتِي بَعْدَ الْعِتْقِ أَرْشًا، وَلَا نُقْصَانًا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَأَصْلُهُ أَنَّ التَّدْبِيرَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ لَا يَهْدُرُ السِّرَايَةَ، وَتَكُونُ السِّرَايَةُ مَضْمُونَةً عَلَى الْجَانِي، وَالْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ تَهْدُرُ السِّرَايَةَ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الْجَانِي ضَمَانُ السِّرَايَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْخَامِسَ عَشْرَ فِي الْقَسَامَةِ):

هِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِيهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَسَبَبُهَا وُجُودُ الْقَتِيلِ فِي الْمَحَلَّةِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ الدَّارِ أَوْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَقْرَبُ مِنْ الْمِصْرِ بِحَيْثُ يُسْمَعُ الصَّوْتُ مِنْهُ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ، وَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُمْ قَتَلُوا وَلِيَّهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، وَأَنْكَرَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْهُمْ كُلُّ رَجُلٍ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْتُهُ، وَلَا عَلِمْتُ لَهُ قَاتِلًا، وَلَا يَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَا وَالْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ إنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا، وَإِنْ كَانُوا أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ، فَإِنَّهُ يُكَرِّرُ الْيَمِينَ عَلَى بَعْضِهِمْ حَتَّى يُتِمَّ خَمْسِينَ يَمِينًا، فَإِنْ حَلَفُوا غَرِمُوا الدِّيَةَ، وَإِنْ نَكَلُوا، فَإِنَّهُمْ يُحْبَسُونَ حَتَّى يَحْلِفُوا، وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي أَنَّ أَهْلَ الْمَحَلَّةِ قَتَلُوا وَلِيَّهُ سَوَاءٌ كَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلْمُدَّعِي بِأَنْ كَانَ بَيْنَ الْمَقْتُولِ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ شَاهِدٌ لِلْمُدَّعِي بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمَقْتُولِ، وَبَيْنَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ ثُمَّ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى بَعْضِ أَهْل الْمَحَلَّةِ لَا بِأَعْيَانِهِمْ.
فَكَذَا الْجَوَابُ تَجِبُ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَكَذَا الْجَوَابُ إذَا ادَّعَى عَلَى بَعْضِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِأَعْيَانِهِمْ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ ادَّعَى الْقَتْلَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ قَسَامَةٌ، وَلَا دِيَةٌ، فَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي: أَلَكَ بَيِّنَةٌ عَلَى مَا ادَّعَيْتَ، فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ أَقَامَهَا وَثَبَتَ مَا ادَّعَاهُ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً، وَلَا يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَلِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ أَنْ يَخْتَارُوا صَالِحِي أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَأَهْلِ الْبَلْدَةِ، وَالْعَشِيرَةِ الَّذِينَ وُجِدَ الْقَتِيلُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَتَعْيِينُ صَالِحِي الْعَشِيرَةِ اسْتِحْسَانٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمَحَلَّةِ مِنْ الصُّلَحَاءِ خَمْسُونَ رَجُلًا، فَأَرَادَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ أَنْ يُكَرِّرَ الْيَمِينَ عَلَى الصُّلَحَاءِ حَتَّى يَتِمَّ خَمْسُونَ يَمِينًا هَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ يَضُمُّ إلَيْهِمْ مِنْ فَاسِقِي الْعَشِيرَةِ مَا يَكْمُلُ بِهِ خَمْسُونَ رَجُلًا لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ.
وَرُوِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ ذَلِكَ، وَلَكِنَّهُ يَخْتَارُ مِمَّنْ بَقِيَ فِي الْمَحَلَّةِ حَتَّى يَكْمُلَ خَمْسُونَ رَجُلًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الشُّبَّانَ، وَالْفَسَقَةَ، وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْمَشَايِخَ، وَالصُّلَحَاءَ مِنْهُمْ كَذَا فِي الْكَافِي، وَالْخِيَارُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ دُونَ الْإِمَامِ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ صَبِيٌّ، وَلَا مَجْنُونٌ وَيَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ الْأَعْمَى، وَالْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ، وَالْكَافِرُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَسَامَةِ النِّسَاءُ، وَالْمَمَالِيكُ مِنْ الْمُكَاتَبِينَ، وَغَيْرِهِمْ، وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَالْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَالْقَتِيلُ مَنْ بِهِ أَثَرُ الْقَتْلِ، وَالْمَيِّتُ مَنْ لَا يَكُونُ بِهِ أَثَرُ الْقَتْلِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ وُجِدَ مَيِّتٌ لَا أَثَرَ بِهِ فَلَا قَسَامَةَ، وَلَا دِيَةَ، وَالْأَثَرُ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ جِرَاحَةٌ أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ أَوْ خَنْقٌ أَوْ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ خَرَجَ الدَّمُ مِنْ الْفَمِ إنْ عَلَا مِنْ الْجَوْفِ كَانَ قَتِيلًا، وَإِنْ نَزَلَ مِنْ الرَّأْسِ فَلَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ أَوْ ذَكَرِهِ، فَلَيْسَ بِقَتِيلٍ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
وَإِذَا وُجِدَ بَدَنُ الْقَتِيلِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الْبَدَنِ أَوْ نِصْفُ الْبَدَنِ، وَمَعَهُ الرَّأْسُ فِي مَحَلَّةٍ، فَعَلَى أَهْلِهَا الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ، وَإِنْ وُجِدَ نِصْفُهُ مَشْقُوقًا بِالطُّولِ أَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ النِّصْفِ، وَمَعَهُ الرَّأْسُ أَوْ وُجِدَ يَدُهُ أَوْ رَأْسُهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وُجِدَ فِيهِمْ جَنِينٌ أَوْ سَقْطٌ لَيْسَ بِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَإِنْ كَانَ بِهِ أَثَرُ الضَّرْبِ، وَهُوَ تَامُّ الْخِلْقَةِ وَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ الْخَلْقِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا وُجِدَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُكَاتَبُ أَوْ الْمُدَبَّرُ أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ أَوْ الَّذِي يَسْعَى فِي بَعْضِ قِيمَتِهِ قَتِيلًا فِي مَحَلَّةٍ فَعَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ، وَتَجِبُ الْقِيمَةُ عَلَى عَوَاقِلِ الْمَحَلَّةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ وُجِدَتْ الْبَهِيمَةُ، وَالدَّابَّةُ مَقْتُولَةً فَلَا شَيْءَ فِيهَا كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَا يَدْخُلُ السُّكَّانُ فِي الْقَسَامَةِ مَعَ الْمُلَّاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ-- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَهِيَ عَلَى أَهْلِ الْخُطَّةِ دُونَ الْمُشْتَرِينَ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَإِنْ لَمْ يَبْقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِأَنْ بَاعُوا كُلُّهُمْ، فَهِيَ عَلَى الْمُشْتَرِينَ، وَالْمُلَّاكِ دُونَ السُّكَّانِ عِنْدَهُمَا هَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَإِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ خَرِبَةٍ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ، وَبِقُرْبِهَا مَحَلَّةٌ عَامِرَةٌ فِيهَا أُنَاسٌ كَثِيرٌ تَجِبُ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْعَامِرَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا الْتَقَى قَوْمٌ بِالسُّيُوفِ فَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ فَهُوَ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَوْلِيَاؤُهُ عَلَى أُولَئِكَ أَوْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ، فَلَمْ يَكُنْ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَلَا عَلَى أُولَئِكَ شَيْءٌ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ إنْسَانٍ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ، وَعَلَى قَوْمِهِ إنْ كَانُوا حُضُورًا، وَإِنْ كَانُوا غُيَّبًا، فَالْقَسَامَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ يُكَرِّرُ عَلَيْهِ الْأَيْمَانَ هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا وُجِدَ فِي دَارِ أَحَدٍ مِنْ الْمُشْتَرِينَ، فَعَلَيْهِ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْمَحَلَّةِ أَهْلُ خُطَّةٍ، وَقَدْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ أَحَدِهِمْ كَانَتْ الْقَسَامَةُ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَسَائِرِ أَهْلِ الْخُطَّةِ بَرَاءٌ مِنْ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِنْ ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِعَيْنِهِ، فَشَهِدَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ عَلَيْهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَإِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي مَحَلَّةٍ، وَادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنَّهُ قَتَلَهُ، وَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا، وَيَبْرَأُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ مِنْ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ إنْ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيلُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا إلَّا أَنَّهُ يَبْرَأُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ الْقَضَاءِ بِالْقَتْلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إنْ اخْتَارَ الْوَلِيُّ الشَّاهِدَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ يَسْتَحْلِفُهُمْ يُحَلِّفُهُمَا بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، فَقَطْ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يَحْلِفَانِ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا سِوَى فُلَانٍ كَذَا فِي الْكَافِي.
ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ، وَزَعَمَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ قَتَلَهُ، وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلِيُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ ثُمَّ كَيْفَ يَحْلِفُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ، وَمَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا غَيْرَ فُلَانٍ، وَهُوَ الْأَحْوَطُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مَحَلَّةٍ، وَادَّعَى أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ دُونَهُمْ، وَأَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً مِنْ غَيْرِ مَحَلَّتِهِمْ جَازَتْ الشَّهَادَةُ، وَوَقَعَتْ لَهُمْ الْبَرَاءَةُ عَنْ الْقَسَامَةِ وَالدِّيَةِ ادَّعَى وَلِيُّ الْقَتِيلِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَدَّعِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ: إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ، وَادَّعَى أَوْلِيَاؤُهُ عَلَيْهِمْ، وَأَقَامَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ بَيِّنَةً أَنَّهُ قَتَلَهُ فُلَانٌ لِرَجُلٍ مِنْ غَيْرِ مَحَلَّتِهِمْ أَوْ جَاءَ جَرِيحًا حَتَّى سَقَطَ فِي مَحَلَّتِهِمْ، وَمَاتَ قَالَ يَبْرَءُونَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ ادَّعَى أَوْلِيَاءُ الدَّمِ الْقَتْلَ عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ لِرَجُلٍ آخَرَ قَالَ: لَا أَقْبَلُ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا جُرِحَ الرَّجُلُ فِي قَبِيلَةٍ، فَنُقِلَ إلَى أَهْلِهِ، فَمَاتَ مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ، فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْقَبِيلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ فِرَاشٍ، فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، وَلَا قَسَامَةَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لَا ضَمَانَ فِيهِ، وَلَا قَسَامَةَ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَى هَذَا التَّخْرِيجِ إذَا وُجِدَ عَلَى ظَهْرِ إنْسَانٍ يَحْمِلُهُ إلَى بَيْتِهِ، فَمَاتَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبَ فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ، فَهُوَ عَلَى الَّذِي كَانَ يَحْمِلُهُ كَمَا لَوْ مَاتَ عَلَى ظَهْرِهِ، وَإِنْ كَانَ يَجِيءُ، وَيَذْهَبُ، فَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ، وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ جُرِحَ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَبِيلَةٍ، فَحُمِلَ مَجْرُوحًا، وَمَاتَ فِي مَحَلَّةٍ أُخْرَى مِنْ تِلْكَ الْجِرَاحَةِ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّتِي جُرِحَ فِيهَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
قَالَ فِي الْجَامِعِ: مَحَلَّةٌ أَوْ مَسْجِدٌ اخْتَطَّهَا ثَلَاثُ قَبَائِلَ إحْدَاهَا بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، وَهُمْ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَالْأُخْرَى بَنُو قَيْسٍ، وَهُمْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا، وَالْأُخْرَى بَنُو تَمِيمٍ، وَهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا، فَوُجِدَ فِي هَذِهِ الْمَحَلَّةِ قَتِيلٌ أَوْ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَالدِّيَةُ تَجِبُ عَلَى الْقَبَائِلِ أَثْلَاثًا عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ ثُلُثُهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ مِنْ إحْدَى الْقَبَائِلِ رَجُلٌ وَاحِدٌ لَا غَيْرُ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْقَبِيلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ ثُلُثَا الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مِنْ غَيْرِ الْقَبِيلَتَيْنِ إلَّا أَنَّهُ حَلِيفٌ لِإِحْدَى الْقَبِيلَتَيْنِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْقَبِيلَتَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى قَبِيلَةِ الْحَلِيفِ، وَقَالَ فِي الْجَامِعِ أَيْضًا مَحَلَّةٌ اخْتَطَّهَا ثَلَاثُ قَبَائِلَ، وَبَنَوْا فِيهَا مَسْجِدًا، فَاشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ الْقَبَائِلِ الثَّلَاثِ دُورَ إحْدَى الْقَبَائِلِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الْقَبِيلَةِ الْبَائِعَةِ أَحَدٌ ثُمَّ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الْمَحَلَّةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ كَانَتْ الدِّيَةُ أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَثُلُثَاهَا عَلَى الْقَبِيلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِتِلْكَ الدُّورِ رَجُلًا وَاحِدًا مِنْ إحْدَى الْقَبِيلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ كَانَتْ الدِّيَةُ نِصْفَيْنِ عَلَى الْقَبِيلَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ.
وَإِنْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْقَبَائِلِ دُورَ قَبِيلَتَيْنِ، وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا، فَالدِّيَةُ نِصْفَانِ نِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَنِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْقَبِيلَةِ الْبَاقِيَةِ، وَإِنْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْقَبَائِلِ دُورَ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا ثُمَّ بَاعَ دُورَ إحْدَى الْقَبَائِلِ مِنْ قَوْمٍ شَتَّى، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مَا دَامَ لَهُ مِنْ تِلْكَ الدُّورِ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي لِلدُّورِ كُلِّهَا بَاعَ دُورَ إحْدَى الْقَبَائِلِ مِنْ الَّذِينَ كَانَتْ لَهُمْ أَوْ أَقَالَهَا مَعَهُمْ أَوْ رَدَّ عَلَيْهِمْ بِعَيْبٍ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ وُجِدَ فِي الْمَحَلَّةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ قَتِيلٌ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءِ قَاضٍ، فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الَّذِينَ رُدَّتْ عَلَيْهِمْ النِّصْفُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا وُجِدَ فِي سُوقٍ أَوْ مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ كَانَتْ فِي بَيْتِ الْمَالِ إذَا كَانَ السُّوقُ لِلْعَامَّةِ أَوْ لِلسُّلْطَانِ.
وَإِنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِقَوْمٍ، فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ، وَأَرَادَ بِالْمَسْجِدِ الْمَسْجِدَ الْجَامِعَ أَوْ مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ يَكُونُ فِي السُّوقِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةٍ، فَعَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي الشَّارِعِ الْأَعْظَمِ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مِنْ غَيْرِ زِحَامِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ بِعَرَفَةَ أَوْ بِغَيْرِهَا، فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي أَرْضٍ أَوْ دَارٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَرْبَابِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى الْمَسْجِدِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وُجِدَ فِي الْمَسْجِدِ، فَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي قَرْيَةٍ أَصْلُهَا لِقَوْمٍ شَتَّى فِيهِمْ الْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ، فَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ وَالْكَافِرُ فِيهِ سَوَاءٌ ثُمَّ يُفْرَضُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ، فَمَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ ذَلِكَ، فَعَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَمَا أَصَابَ أَهْلَ الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ عَوَاقِلُ، فَعَلَيْهِمْ، وَإِلَّا، فَفِي أَمْوَالِهِمْ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَفِيهَا ذِمِّيٌّ نَازِلٌ عَلَيْهِمْ لَمْ يُسْتَحْلَفْ الذِّمِّيُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَوْ سِكَّتَيْنِ كَانَتْ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْقَرْيَتَيْنِ، وَالسِّكَّتَيْنِ إلَى الْقَتِيلِ هَذَا إذَا كَانَ صَوْتُ الْقَرْيَتَيْنِ يَبْلُغُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَتِيلُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ، فَلَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَرْضُهُمَا، وَطُرُقُهُمَا مَمْلُوكَةٌ لِقَوْمٍ يَبِيعُونَ أَرْضَهُمَا، وَطُرُقَهُمَا فَهُوَ عَلَى الرُّءُوسِ قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَفِيهِ إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي أَرْضِ قَرْيَةٍ، وَهُوَ إلَى بُيُوتِ قَرْيَةٍ أُخْرَى أَقْرَبُ فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيلُ مَمْلُوكَةً، فَهُوَ عَلَى صَاحِبِ الْمِلْكِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَمْلُوكَةً، فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ الْقَرْيَتَيْنِ، وَفِيهِ أَيْضًا سُئِلَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ قَتِيلٍ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ أَهُوَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا إلَى الْحِيطَانِ، وَالْأَرَضِينَ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْأَرَضُونَ لَيْسَتْ بِمِلْكٍ لَهُمْ إنَّمَا تُنْسَبُ إلَى الْقَرْيَةِ كَمَا تُنْسَبُ الصَّحَارِي، فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِهِمَا بُيُوتًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَاذَا وُجِدَ قَتِيلٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ هُوَ فِي الْقُرْبِ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَفِي إحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ أَلْفُ رَجُلٍ، وَفِي الْأُخْرَى أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَالدِّيَةُ عَلَى الْقَرْيَتَيْنِ نِصْفَانِ بِلَا خِلَافٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ ثَلَاثِ دُورٍ دَارٌ لِتَمِيمِيٍّ، وَدَارَانِ لِهَمْدَانِيَّيْنِ، وَهُنَّ جَمِيعًا فِي الْقُرْبِ عَلَى السَّوَاءِ، فَالدِّيَةُ نِصْفَانِ، فَاعْتَبَرَ الْقَبِيلَةَ دُونَ الْقُرْبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا، فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى وُجِدَ قَتِيلٌ، وَلَيْسَ فِي الشِّرَاءِ خِيَارٌ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْبَيْعِ خِيَارُ أَحَدِهِمَا، فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ ذِي الْيَدِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الشِّرَاءِ خِيَارٌ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي تَصِيرُ الدَّارُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَمَنْ كَانَ فِي يَدِهِ دَارٌ، فَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ لَمْ تَعْقِلْهُ الْعَاقِلَةُ حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ أَنَّهَا لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِذَا وُجِدَ فِي دَارِ إنْسَانٍ قَتِيلٌ، وَفِيهَا خَدَمُهُ، وَغِلْمَانُهُ، وَأَحْرَارٌ فَإِنَّ الْقَسَامَةَ وَالدِّيَةَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ دُونَهُمْ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ.
وَإِنْ وُجِدَ فِي مِلْكٍ مُشْتَرَكٍ قَتِيلٌ فَالْقَسَامَةُ عَلَى الْمُلَّاكِ، وَتُحْمَلُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ مِنْ الْمُلَّاكِ لَا بِعَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ ثُلُثُ الدَّارِ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثَاهَا، فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمَا نِصْفَانِ، وَكَذَا لَوْ وُجِدَ فِي نَهْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ أَقْوَامٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قَالَ فِي الْجَامِعِ: دَارٌ مَمْلُوكَةٌ لِأَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا عَشَرَةٌ مِنْهُمْ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْ بَنِي قَيْسٍ، فَوُجِدَ فِي هَذِهِ الدَّارِ قَتِيلٌ فَدِيَتُهُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْهَا عَلَى عَاقِلَةِ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَجُزْءٌ وَاحِدٌ عَلَى عَاقِلَةِ قَيْسٍ، وَكَذَا دَارٌ بَيْنَ بَكْرِيٍّ، وَبَيْنَ قَيْسِيَّيْنِ أَثْلَاثًا، فَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ أَثْلَاثًا، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَوَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَرَوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِخِلَافِ هَذَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِي دَارٍ بَيْنَ تَمِيمِيٍّ، وَهَمْدَانِيَّيْنِ وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فَعَلَى التَّمِيمِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الهمدانيين نِصْفُ الدِّيَةِ قَالَ: وَإِنَّمَا هَذَا عَلَى عَدَدِ الْقَبَائِلِ بِمَنْزِلَةِ قَتِيلٍ يُوجَدُ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ هُوَ مِنْهُمَا سَوَاءٌ فِي الْقُرْبِ، فَعَلَى أَهْلِ كُلِّ قَرْيَةٍ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ أَهْلِ الْقَرْيَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي دَارٍ بَيْنَ تَمِيمِيٍّ، وَبَيْنَ أَرْبَعَةٍ مِنْ هَمْدَانَ وُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ فَالدِّيَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- تَجِبُ الدِّيَةُ أَخْمَاسًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي رَجُلَيْنِ فِي بَيْتٍ لَيْسَ مَعَهُمَا أَحَدٌ، فَوُجِدَ أَحَدُهُمَا مَقْتُولًا قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: أُضَمِّنُهُ الدِّيَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لَا أُضَمِّنُهُ لَعَلَّهُ قَتَلَ نَفْسَهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارٍ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ، فَالْقَسَامَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ جَمِيعًا أَثْلَاثًا، وَتَمَامُ الْخَمْسِينَ فِي الْكَسْرِ عَلَى أَيِّ الْعَوَاقِلِ شَاءَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ جَمِيعَ الْخَمْسِينَ عَلَى عَاقِلَةِ أَحَدِهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ نَفْسِهِ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةٌ لِوَرَثَتِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَقَالَا: لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي وُجُوبِ الْقَسَامَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ عَلَى قَوْلِهِ، وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنْ لَا تَجِبُ الْقَسَامَةُ هَاهُنَا كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِنْ وُجِدَ الْمُكَاتَبُ قَتِيلًا فِي دَارِهِ فَهُوَ هَدَرٌ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ وُجِدَ الْمُكَاتَبُ قَتِيلًا فِي دَارِ مَوْلَاهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَوْلَى مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ يَقْضِي مِنْهُ كِتَابَتَهُ، وَيَحْكُمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَمَا بَقِيَ يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ مُكَاتَبٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ دِيَةِ الْقَتِيلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَا تَتَحَمَّلُهَا الْعَاقِلَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ الْقَسَامَةُ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ، وَلَا شَكَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهَا تَجِبُ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، فَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا تَجِبُ عَلَى قَوْلِهِ الْآخِرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: تَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسَامَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا وُجِدَ الْمَوْلَى قَتِيلًا فِي دَارِ مُكَاتَبِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ دِيَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَإِذَا وُجِدَ الْعَبْدُ قَتِيلًا فِي دَارِ مَوْلَاهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ قَالُوا: هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمَوْلَى الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدَّيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً ثُمَّ وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِ مَوْلَاهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي التِّجَارَةِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَالْقَسَامَةُ عَلَى مَوْلَاهُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ قِيَاسًا، وَاسْتِحْسَانًا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَهُمَا، وَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- اسْتِحْسَانًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ كَانَتْ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى كَانَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ إذَا وُجِدَ قَتِيلًا فِي دَارِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَالْقِيمَةُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ دُونَ الْعَاقِلَةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارٍ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ أَوْ امْرَأَةٌ فِي دَارِ زَوْجِهَا فَفِيهِ قَسَامَةٌ، وَدِيَةٌ، وَلَا يُحْرَمُ الْإِرْثَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ امْرَأَةٍ فِي مِصْرٍ لَيْسَ فِيهِ مِنْ عَشِيرَتِهَا أَحَدٌ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُكَرَّرُ عَلَى الْمَرْأَةِ حَتَّى تَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ تُفْرَضُ الدِّيَةُ عَلَى أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ مِنْهَا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- الْأَوَّلُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ عَشِيرَتُهَا حُضُورًا تَدْخُلُ مَعَهَا فِي الْقَسَامَةِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةٍ لِامْرَأَةٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- عَلَيْهَا الْقَسَامَةُ تُكَرَّرُ الْأَيْمَانُ عَلَيْهَا، وَعَلَى عَاقِلَتِهَا الدِّيَةُ، وَعَاقِلَتُهَا أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إلَيْهَا فِي النَّسَبِ قَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنَّ الْمَرْأَة تَدْخُلُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِي التَّحَمُّلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْقَتِيلَ إذَا وُجِدَ فِي دَارِ صَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الصَّبِيِّ قَسَامَةٌ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ، وَالْقَسَامَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِي دَارِ مَجْنُونٍ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ عَلَى الْمَجْنُونِ، وَإِنَّمَا الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي قَرْيَةٍ أَوْ دَارٍ لِأَيْتَامٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ كَبِيرٌ، فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كَبِيرٌ، فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي دَارِ ذِمِّيٍّ فَالْقَسَامَةُ عَلَيْهِ يُكَرَّرُ عَلَيْهِ خَمْسُونَ يَمِينًا، فَإِذَا حَلَفَ إنْ كَانَ لَهُ عَاقِلَةٌ، وَكَانُوا يَتَعَاقَلُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَعَلَى الْعَاقِلَةِ الدِّيَةُ، وَإِلَّا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي دَارِ ابْنِهِ، وَبِنْتِهِ، وَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، فَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ الْقَتْلَ عَلَى صَاحِبِهِ فَلِلِابْنِ ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا، وَعَاقِلَتُهَا عَاقِلَتُهُ، وَلَهَا السُّدُسُ عَلَى عَاقِلَةِ أَخِيهَا، وَلَوْ ادَّعَى الِابْنُ الْقَتْلَ عَلَى زَوْجِ أُخْتِهِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: لَوْ وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي دَارِ ابْنِهِ، وَقَدْ كَانَ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَهُوَ مَجْرُوحٌ: قَتَلَنِي فُلَانٌ فَقَدْ أَبْرَأَ عَاقِلَةَ ابْنِهِ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ عَنْ الِابْنِ مَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَطَاءِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا وُجِدَ الضَّيْفُ فِي دَارِ الْمُضِيفِ قَتِيلًا، فَهُوَ عَلَى رَبِّ الدَّارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ كَانَ نَازِلًا فِي بَيْتٍ عَلَى حِدَةٍ، فَلَا دِيَةَ، وَلَا قَسَامَةَ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَطًا، فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَالْقَسَامَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وُجِدَ فِي دَارٍ وَارِثِهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ لَمْ تَعْقِلْ عَاقِلَتُهُ لَهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِذَا وُجِدَ الرَّجُلُ قَتِيلًا فِي نَهْرٍ يَجْرِي فِيهِ الْمَاءُ إنْ كَانَ النَّهْرُ عَظِيمًا كَالْفُرَاتِ، وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ يَجْرِي بِهِ الْمَاءُ، وَكَانَ مَوْضِعُ انْبِعَاثِ الْمَاءِ فِي دَارِ الْحَرْبِ، فَدَمُهُ هَدَرٌ سَوَاءٌ كَانَ يَجْرِي فِي وَسَطِهِ أَوْ فِي شَطِّهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ انْبِعَاثِ الْمَاءِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ مُحْتَبِسًا عَلَى شَطٍّ مِنْ شُطُوطِهِ لَا يَجْرِي بِهِ الْمَاءُ، فَهُوَ عَلَى أَقْرَبِ الْقُرَى، وَهَذَا إذَا كَانَ أَقْرَبَ الْقُرَى إلَى هَذَا الشَّطِّ بِحَيْثُ يَسْمَعُ أَهْلُهَا الصَّوْتَ مِنْهُ، فَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الصَّوْتُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا يَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ النَّهْرُ صَغِيرًا لِأَقْوَامٍ مَعْرُوفِينَ تَجِبُ الْقَسَامَةُ عَلَى أَصْحَابِ النَّهْرِ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَالْفَرْقُ فِي النَّهْرِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مَا عُرِفَ بِالشَّفْعَةِ كُلُّ نَهْرٍ يَسْتَحِقُّ بِهِ الشَّفْعَةَ، فَهُوَ صَغِيرٌ، وَمَا لَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ نَحْوُ الْفُرَاتِ، وَالْجَيْحُونِ، فَهُوَ عَظِيمٌ كَذَا فِي، فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي السَّفِينَةِ فَالْقَسَامَةُ عَلَى مَنْ فِيهَا مِنْ الرُّكَّابِ، وَالْمَلَّاحِينَ، وَاللَّفْظُ يَشْمَلُ أَرْبَابَهَا حَتَّى يَجِبَ عَلَى الْأَرْبَابِ الَّذِينَ فِيهَا، وَعَلَى السُّكَّانِ، وَعَلَى مَنْ يَمُدُّهَا، وَالْمَالِكُ فِي ذَلِكَ، وَغَيْرُ الْمَالِكِ سَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ الْعَجَلَةُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
قَتِيلٌ عَلَى دَابَّةٍ مَعَهَا سَائِقٌ أَوْ قَائِدٌ أَوْ رَاكِبٌ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ دُونَ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَإِنْ اجْتَمَعَ فِيهَا السَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونُوا مَالِكِينَ لِلدَّابَّةِ بِخِلَافِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الدَّابَّةِ أَحَدٌ، فَالدِّيَةُ، وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ الَّذِينَ وُجِدَ فِيهِمْ الْقَتِيلُ عَلَى الدَّابَّةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ بَيْنَ قَرْيَتَيْنِ عَلَيْهَا قَتِيلٌ، فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ قِيلَ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَهْلَهَا الصَّوْتُ أَمَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَبْلُغُهُمْ الصَّوْتُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي فَلَاةٍ فِي أَرْضٍ، فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا لِإِنْسَانٍ، فَالْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْمَالِكِ، وَعَلَى قَبِيلَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِأَحَدٍ، فَإِنْ كَانَ يُسْمَعُ فِيهَا الصَّوْتُ مِنْ مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ، فَعَلَيْهِمْ الْقَسَامَةُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُسْمَعُ فِيهَا الصَّوْتُ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهَا مَنْفَعَةُ الِاحْتِطَابِ، وَالِاحْتِشَاشِ، وَالْكَلَأِ، فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ انْقَطَعَتْ عَنْهَا مَنْفَعَةُ الْمُسْلِمِينَ، فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَكَذَلِكَ إذَا وُجِدَ فِي الْمَفَازَةِ، وَلَيْسَ يَقْرَبُهَا عُمْرَانٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا وُجِدَ قَتِيلٌ عَلَى الْجِسْرِ أَوْ عَلَى الْقَنْطَرَةِ فَذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَفِيهِ أَيْضًا إذَا وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي مِثْلِ خَنْدَقٍ فِي مَدِينَةِ أَبِي جَعْفَرٍ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ عَلَى أَقْرَبِ الْمَحَالِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وُجِدَ فِي مُعَسْكَرٍ نَزَلُوا فِي فَلَاةٍ مُبَاحَةٍ لَيْسَتْ بِمَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ فَإِنْ وُجِدَ فِي خَيْمَةٍ أَوْ فُسْطَاطٍ، فَالْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى مَنْ يَسْكُنُهَا، وَإِنْ كَانَ خَارِجًا مِنْهَا، وَنَزَلُوا قَبَائِلَ مُتَفَرِّقِينَ، فَعَلَى الْقَبِيلَةِ الَّتِي وُجِدَ فِيهَا الْقَتِيلُ، وَلَوْ وُجِدَ بَيْنَ الْقَبِيلَتَيْنِ، فَعَلَى أَقْرَبِهِمَا، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَعَلَيْهِمَا هَكَذَا فِي التَّبْيِينِ، وَإِنْ نَزَلُوا مُخْتَلَطِينَ جُمْلَةً فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ إنْ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِي خَيْمَةِ أَحَدِهِمْ أَوْ فُسْطَاطِ أَحَدِهِمْ، فَعَلَى صَاحِبِ الْخَيْمَةِ وَالْفُسْطَاطِ، وَإِنْ وُجِدَ خَارِجَ الْخِيَامِ، فَعَلَى أَهْلِ الْعَسْكَرِ كُلِّهِمْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ الْعَسْكَرُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ، فَالْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَيْهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْعَسْكَرِ قَدْ لَقُوا عَدُوَّهُمْ مِنْ الْكَفَرَةِ فَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ مُسْلِمٍ، فَلَا قَسَامَةَ فِي الْقَتِيلِ، وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرَى مَنْ قَتَلَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الطَّائِفَتَانِ مُسْلِمَتَيْنِ لَكِنَّ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ بَاغِيَةٌ، وَالْأُخْرَى عَادِلَةٌ، وَأَجْلَوْا عَنْ قَتِيلٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ، فَلَا دِيَةَ فِي الْقَتِيلِ، وَلَا قَسَامَةَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وُجِدَ فِي السِّجْنِ، فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الدِّيَةُ، وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ السِّجْنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ مُفَرَّغَةً، وَهِيَ مُقْفَلَةٌ، فَوُجِدَ فِيهَا قَتِيلٌ، فَالْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ رَبِّ الدَّارِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.